بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد اخواني أخواتي الكرام أضع بين أيديكم موسوعة شبه كامل عن الخلق ، و أرجو أن تستمتعو بها :
أولا : تعريف الخلق
قد شاع بين الناس تصورات و تعريفات للخلق ليست صحيحة، و التعريف الصحيح للخلق الذى تشهد له نصوص القرآن الكريم و الحديث الشريف و يشهد له الواقع، هو تعريف الجرجاني: الشريف علي بن محمد، حيث قال :
<< الخلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدرعنها الأفعال بسهولة و يسرمن غير حاجة الى فكر ورويه ، فان كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلا وشرعا بسهولة ، سمبت الهيئة خلقا حسنا، و ان كان الصادر منها الأفعال القبيحة ،سميت الهيئة التى هي المصدر خلقا سيئا .
و انما قلنا : انه هيئة راسخة ،لأن من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة ، لا يقال : خلقه السخاء ، ما لم يثبت ذلك في نفسه.
وكذلك من تكلف السكوت عند الغضب بجهد أو روية ، لا يقال :خلقه الحلم.
و ليس الخلق عبارة عن الفعل،فرب الشخص خلقه السخاء ، و لا يبذل : اما بفقد المال، أو لمانع . و ربما يكون خلقه البخل،و هو يبذل لباعث أو رياء >>.
و هذا التعريف يتفق مع قوله صلى الله عليه وسلم (انما الأعمال بالنيات....)
و مع حكمه على رجل أبلى بلاء حسنا في القتال مع المسلمين بأنه في النار ،و ذلك لعدم ارادته بقتاله وجه الله ، ومثل ذلك ما جاء من النصوص الشرعية المتكاثرة في عدم قبول أعمال المنافقين و المرائين .
ومن فوائد الوقوف على التعريف الصحيح للخلق هذا : أن يراعيه الانسان في تقويمه لأخلاق نفسه ، فلا يكتفي بصلاح أعماله في الظاهر حتى يطمئن على سلامة البواعث والدوافع التى بسببها عملها.
ثابيا : طرق اكتساب الأخلاق
من فوائد معرفة طرق اكتساب الأخلاق الحميدة:استثمارها ، و محاولة و محاولة تطبيق ما يمكن أن يطبقه المرءمن ذلك في محاولة الوصول الى فضيلة اكتساب الأخلاق الحميدة و التحلي بها.
و لعل أهم طرق اكتساب الأخلاق الحميدة مايلي:
*معرفة الأحكام الشرعية في المعاملات و أحكام الأخلاق و استحضار وجوب الواجب و حرمة الحرام ، فان هذا هو الوسيلة الأهم في الموضوع.
* التدريب العملي و الرياضة النفسية
*الحياة في بيئة صالحة.
*القدوة الحسنة.
*الضغط الاجتماعي من قبل المجتمع المسلم.
*سلطان الدولة المسلمة.
*التعرف على القواعد الأخلاقية وعلى أهمية تحصيلها ، ووسائله،والتعريف بها.
*التعرض لتربية المربين ، و قبول ما عندهم من الخيرو مكارم الأخلاق
*اتخاذ أخ صالح محتل بالأخلاق الحميدة ينبهه على أخطائه في السلوك و الخلق ، و يساعده على اصلاح نفسه.
ثالنا : الأسس التربوية العامة لتقويم الأخلاق:
لعل أهم الأسس التربوية العامة لتقويم الأخلاق ما يلي:
*التدرج في البناء التربوي : لأن التربية ليست عملية تحويل مفاجئ دفعة واحدة .
*معاملة كل نموذج طبيعي بما يناسبه و يلائمه من وسائل التربية ،و معاملة كل حالة نفسية بما يلائمها ،لأن طبائع الناس و حالاتهم النفسية مختلفة ، فلا بد من مراعاة ذلكفي طريقة التربية والتعامل معها ،و النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطى أناسا من غنائم حنين و ترك آخرين ،مراعاة لهذا الأصل
*تصيد المناسبات الملائمة للتوجيه التربوي .
* الرعاية الشجرية ، فالشجرة اذا تركت وشأنها نمت نموا عشوائيا ، بخلاف ما اذا امتدت اليها يد الرعاية بالسقي المستمر و التهذيب ،فانها تنمو نموا آخر و هكذا الطبائع البشرية تحتاج الى مثل هذه الرعاية حتى لا تنشأ نشأة فوضوية عشوائية .
*التوجيه و التحويل .و المقصود :توجيه الطبائع البشرية وتحويلها نحو الخير ،و ليس القضاء عليها
*التصعيد،وهو نوع من التوجيه و التحويل و المقصود به: تحويل التطلع الانساني ، عن الصغائر والدنايا ،توجيهه نحو معالي الأمور وما فيه سعادته في الدنيا وفي الآخرة.
*المزاحمة والتضمير،وذلك بغرس العنصر المزاحم للطبع أو العادة غير المناسبة ، عن طريق تكون العادة المطلوب تربيته عليها.
*ايجاد الحافز الذاتي ، الذى يدفع صاحبه الى التحلي بمكارم الأخلاق.
*ولايجاد الحافز الذاتي عدة الطرق،منها:
1- طريق الايمان بالله و اليوم الآخر و بقضاء الله وقدره.
2-طريق استشعار الأحكام الشرعية،وأنها أحكام الله تعالى ،وما تؤول اليه عاقبة اتباعها أو مخالفتها من جنة أو نار.
3-طريق الاقتناع الفكري.
4-طريق الترغيب و الترهيب.
5-طريق تربية الوجدان الأخلاقي.
و ليس المقصود التخير من هذه الطرق ، و انما الأخذ بها كلها.
وبعد، فاليك مقتطفات مختصرة من أقوال السلف ، ومواقفهم في الأخلاق.
رابعا: الأخلاق في أقوال السلف و مواقفهم :
يتسع المجال كثيرا لمواقف السلف الصالح و أقوالهم في الأخلاق مدحا لممدوحها و التزاما به ، و ذما لمذمومها و ابتعادا عنه . ولا يمكن في مثل هذا الوضع استيعاب الحديث عن ذلك، ولكن حسبنا شذرات موقضات لمن كان قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .