بعض المفاهيم الخاطئة

زائر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ولد آدم وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد
فبدايتاً نسأل الله تعالى لنا ولكم الهداية والتوفيق والسداد .
أعرض لكم هذا البحث لتوضيح الحق بعد ما رئيت ما وقع فيه كثير من المسلمين بفعل قربات لله عند القبور من صدقة وتسبيح وغير ذلك ما أنزل الله بها من سلطان أخذوا هذا تارةً من الدجالين الذين يضحكون على عقول الناس ليسلبوا أموالهم وتارةً من أناس مجتهدين محبين للخير لكن ينقصهم العلم الشرعي مع أحياناً تعصب لمذهب أو قول لعالم مستشهدين بأحاديث ومن أقوال السلف ، وأضع هذا البحث بين أيديكم من غير تعصب لشيخ ٌ أو لإمام ، مبتعدين عن قول مذهبنا يقول كذا ... وكذا ... ، ونبدل سوياً هذا القول ( بقول قال الله تعالى وما صح من أحاديث رسوله r ) ، وقد ورد عن الأئمة الأربعة أقوالاً يدعون فيها أنهُ لا يجب التعصب والتمسك بقول من أقوال الأئمة مادام ثبت من الكتاب والسنة ما يخالفه .

وقال ابوحنيفة والشافعي رحمهم الله : إذا صح الحديث فهو مذهبي .

قال مالك رحمه الله : ليس أحد بعد النبي عليه السلامr إلا ويؤخذ من قوله ويترك .
وليس هذا قدحاً في الأئمة إذا تبين خطئه في مسألة من مسائل الدين في صدقه وأمانته ـــ هذا حطأ عظيم نعوذ بالله من هذا ـــ بل الإنسان من جبلته الخطأ لا يسلم منه إلا الأنبياء والمرسلين عَليَهمَ السَلامَ بل يبقى لهؤلاء الأئمة فضلهم وقدرهم فلا ينكر قدرهم إلا جاحد

المبحث الأول ـ قراءة سورة ( يس ) :

"1448" روى ابن ماجه رحمه الله في سننه فقال : حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة ، قال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، عن ابن المبارك ، عن سليمان التميمي ، أبي عُثمان ـ وليس بالنهدي ـ ، عن ابيه ، عن معقل بن يسار ؛ قال قال رسول الله rعليه السلام ( اقرؤوها عند موتاكم ) يعني سورة يس .

قال الدارقطني رحمه الله : هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب حديث . وضعفه ابن القطان الفاسي في (( بيان الوهم والإيهام 5/ 49 ـ 50 )) ونظر التلخيص 2/ 104

وروى النووي رحمه الله في الأذكار ــ باب ما يقال عند الميت ــ أن النبي r قال ( اقرؤوا يس على موتاكم ) ثم قال النووي : إسناده ضعيف ، فيه مجهولان .
قال ابن علان في شرح الأذكار : قال الحافظ : وأما الحاكم فتساهل في تصحيحه لكونه من فضائل الأعمال ، وعلى هذا يحمل سكوت أبي داود والله أعلم . وضعفه الألباني في سنن أبي داود ـ باب القراءة عند الميت ـ الحديث رقمه 3120 . وضعفه في السلسلة الضعيفة رقم 5861

قال الألباني رحمه الله في كتاب أحكام الجنائز وبدعها ص 325 :

وحديث ( من د خل المقابر فقرأ سورة ( يس ) خفف الله عنهم وكان لهم بعدد من فيها حسنات ) لا أصل له في شيء من كتب السنة ، والسيوطي لما أوردة في ( شرح الصدور ص130 ) لم يزيد في تخريجه على قوله ( أخرجه عبدُ العزيز صاحبُ الخَلال بسنده عن أنس ) ثم وقفتُ على سندِه فإذا هو إسناد هالك كما حققته في (( الأحاديث الضعيفة 1246 ))

وقال الألباني رحمه الله في كتاب أحكام الجنائز وبدعها ص 242، 243

ولذلك كان مذهب جمهور السلف رحمهم الله كأبي حنيفة ومالك وغيرهم كراهة َ القراءة ِ عند القُبور ، وهو قول الإمام أحمد رحمه الله فقال أبو داودَ في ( مسائله ص 158 ) سمعتُ أحمد سُئل عن القراءة عند القبر ؟ فقال : لا .
وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله : في ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص 182 : ولا يُحفظ عن الشافعي نفسه رحمه الله في هذه المسالةِ كلامٌ ، وذلك لأن ذلك كان عنده بدعة ً ، وقال مالكٌ رحمه الله ما علمتُ أحداً يفعل ذلك ، فعلم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات العلمية ص 53 : والقراءة على الميت بعد موته ِ بدعة ٌ ، بخلاف القراءة على المحتضر فإنها تستحب بــ ياسين ) انتهى .

وعلق على هذا الألباني قائلاً رحمه الله : قلت لكن حديث قراءة ياسين ضعيف والاستحباب حكمٌ شرعيٌ ، ولا يثبتُ بالحديث الضعيف كما هو معلومٌ من كلام ابن تيمية رحمه الله نفسه في بعض مصنفاته ِ وغيرها . كتاب أحكام الجنائز وبدعها ص243
وقال الألباني رحمه الله : وأما ما جاء في كتاب الروح لابن القيم ص 13ما نصه : قال الخلال واخبرني الحسن بن احمد الوراق : حدثنا علي بن موسى الحداد ـ وكان صدوقاً قال : كنت مع أحمد بن حنبل و محمد بن قدامة الجوهري رحمهم الله ـ في جنازة ، فلما دفن الميت جلس رجلٌ ضرير ٌ يقرأ عند
القبر ، فقال له أحمد ُ ياهذا إن القراءة عند القبر بدعة ٌ ! فلما خرجنا من المقابر ، قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل : يا أبا عبدالله ما تقول ُ في مُبشر الحلبي ؟
قال أحمد ثقة ٌ ، قال محمد بن قدامة : كتبت عنه شيئاً ؟ قال أحمد : نعم ، قال بن قدامة فأخبرني مُبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه اوصى إذا دفن أن يُقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال سمعت ابن عمر يُوصي بذلك . فقال أحمد : فالرجع وقل للرجل : يقرأ ) .

فالجواب عنه :

أن في ثبوت هذه القصة ِ عن أحمد نظراً ، لأن الخلال الحسن ابن أحمد الوراق لم أجد له ترجمة فيما عندي الآن من كتب الرجال ، وكذلك شيخهُ علي بن موسى الحداد لم أعرفه ، وأن قيل في السند أنه كان صدوقاً ، فإن الظاهر أن القائل هو الوراق هذا .

أن السند بهذا الأثر لا يصح عن ابن عمر ، ولو فُرض ثبوته عن أحمد ، وذلك لأن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج معدود في المجهولين ... ) كتاب أحكام الجنائز وبدعها ص243

وقال الألباني رحمه الله : في كتابه أحكام الجنائز وبدعها ص23 ( ماعلى الحاضرين بعد موته ) فذكر
الحديث السابق وهو :** قراءة بفاتحة البقرة وخاتمتها }. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3 / 208 . هذا حديث ضعيف لعلتين :

1ـ البابلتي ـ ضعيف كما قال الحافظ في ( التقريب )

2ـ شيخه أيوب بن نُهيك ، فإنه أشد ُ ضعفاً منه ضعفه أبو حاتم وغيره . وقال الأزدي : متروك . وقال أبو زرعه : منكر الحديث .

المبحث الثاني : قراءة سورة ( الإخلاص )

قال الألباني ـ رحمه الله ـ في كتابه أحكام الجنائز وبدعها ص 245 ما نصه :

حديث ( من مر بالمقابر فقرأ ** قُل هو الله أحد } إحدى عشر مرة ثم وهب أجره للأموات أُعطي من الأجر بعدد الأموات ) .
فهو حديثٌ باطل ٌ موضوع ٌ ، رواه أبو محمد الخَلال في (( القراءة على القُبور ـ ق 201 / 2 ))

والديلمي عن (( نُسخة عبدالله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه )) وهي نسخة موضوعة ٌ باطلة ٌلا تنفكُ عن وضع عبدالله هذا أو وضع أبيهِ ، كما قال الذهبيُ في ( الميزان )
وتبعهُ الحافظ ابن حجر في (( اللسان )) ثم السُيوطي في (( ذيل الأحاديث الموضوعة )) وذكر له هذا الحديث ، وتبعه ابن عراق في (( تنزيه الشريعة المرفوعة ، عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة ))

ثم ذهل السيوطي عن ذلك فأورد الحديث في (( شرح الصدور ص 130 )) برواية أبي محمد السمرقندي في (( فضائل ُقل هو الله أحد )) وسكت عليه ! نعم قد أشار قبل ذلك إلى ضعفه ، ولكن هذا لا يكفي فإن الحديث موضوع ٌ باعترافه فلا يُجزئُ الاقتصار ُ على تضعيفه كما لا يجوز ُ السكوتُ عنه ، كما صنع الشيخ إسماعيل لعجلوني في (( كشف الخفاء 2ـ 382 )) فإنه عزاه للرافعي في (( تاريخه )) وسكت عليه !! مع أنه وضع كتابه المذكور للكشف (( عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس )) !! ثم أن سكت أهل الاختصاص عن الحديث قد يُوهم من لا علم عنده به أن الحديث مما يصلُح للاحتجاج به أو العمل به في فضائل الأعمال كما يقولون ، وهذا ما وقع لهذا الحديث ، فقد رأيت بعض الحنفية ِ قد احتج بهذا الحديث للقراءة عند القبور وهو الشيخُ الطحطاوي في (( حاشيته ــ على مراقي الفلاح ص 117 )) !!! وقد عزاه إلى الدارقطني ، وأظنه وهماً ، فإني لم أجد غيره عزاه إليه ، ثم إن المعروف عند المشتغلين بهذا العلم أن العزو إلى الدارقطني مُطلقاً يُراد به كتابه (( السُنن )) وهذا الحديثُ لم أره فيه .. والله أعلم

وبعد ما ذكرنا هذه الأعمال الباطله التي وردت عند القبور نذكر ماورد وصح عن المصطفى r التي يعمل بها عند القبور

فعن بريدة رضي الله عنه tقال : كان رسول الله صللى الله عليه وسلم r يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، أسأل الله لنا ولكم العفية ) رواه مسلم

روى ابن السني ورواه احمد وبن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي r أتى البقيع فقال ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أنتم لنا فرط ، وإنا بكم لا حقون ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تضلنا بعدهم ) لكن عند ابن ماجه ( نسال الله لنا ولكم العافية .

وكذلك شرع زيارة القبور لاعتبار والعضة فقال r ( ... فزوروها فإنها تذكركم الآخرة
وسألته عائشة ام الؤمنين مذا تقول عند القبور فذكر لها عليه السلام الحديث أعلاه .
بل ذكر عليه السلام أن القبور ليست محلاً لأي عبادة فقال ** لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة . رواه مسلم ( 2/ 188 )
وقال عليه السلام ** صلوا في بيوتكم ، ولا تتخذوها قبورا } رواه مسلم ( 2/ 187)

ولست اتهم اي أنسان يقرء بهذه السور عند القبور بانه دجال او كذاب ، لكن قديكون جاهلاً بأقوال العلماء على هذه الأحاديث

لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا (***) وقمت أشكو إلى مولاي مـا أجـد

وقلت يا عُدتي فـي كـل نائبـة (***) ومن عليه لكشف الضـر أعتمـد

أشكو إليك أمـورًا أنـت تعلمهـا (***) مالي على حملها صبرٌ ولا جلـدُ

وقد مددت يـدي بالـذل مبتهـلاً (***) إليك يا خير من مُـدتْ إليـه يـد

فـلا تردَّنَّهـا يـا رب خائـبـةً (***) فبحر جودك يروي كل مـا يـردُ

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

زائر

جزاكم الله ألف خيرا
و جعل عملكم الطيب هذا في ميزان حسناتكم
و رفع به درجاتكم
تحيات أختكم في الله {أسماء