( السلك الوجداني )
السلوك الوجداني هوالسلوك الخالي من الكذب والخداع والرياء والتحايل . وهو سلوك عادي وطبيعي ، ومنسجم مع النوازع الباطنية ، ومقرون بطيب الخاطر ، ولا يشوبه اي قلق او اضطراب .
السلوك الوجداني مجرد من التعذيب والايذاء ، والقتل والمضايقة . وإن صدر اي عمل مشين سارع الضمير الى استنكاره فهو يعرف القبائح ويتجنبها .
من معالم السلوك الوجداني اقترانه دوماً بالسكينة والاتزان ، فلا يضطرب الإنسان من بروزه . ولا إزعاج فيه اللآخرين ، ولايشعر الإنسان معه بالذنب والندم واذا وجد الإنسان نفسه مجرداً من القيود والموانع ، لايتورع عن ارتكاب كل ما تسول له نفسه ، فهو يقيم بناء حياته على اساس استبعاد
( تأنيب الضمير )
ولايمثل الدين عاملاً مساعداً لعمل الضمير فحسب ، بل هو من عوامل المحافظة عليه ، وتطمح التعاليم الدينية الى تقويم عمل الضمير و رفع درجة وعيه وقدرته على اصدار الأحكام ، فتطرح له الأمثلة والمصاديق المتنوعة لتقوية ادراكه وتوسيع قابليته على فهم الأمور .
( انواع الضمير وابعاده )
الضمير موضوع وأرضية ، ولكنه يؤدي مهمته في ثلاثة ابعاد اساسية على أدنى تقدير . ونذكر في مايلي هذه الأبعاد لأجل التعرف على جوانبها، لغرض فهم الواجب العام الذي يتولى الضمير تأديته . وكل واحد من هذه الأبعاد الثلاثة بحاجة الى المزيد من التربية والتعميق :
1ـ ضمير المعرفة
والمراد به الشعور النفسي الذي يشعرنا بالحالة او الوضع الذي نحن فيه . فنحن نستطيع التفكير بأنفسنا في أية لحظة لتقييم الوضع او الحالة التي نحن فيها ونحكم عليها . فنرى مثلاً هل ان حالنا جيد او سيئ ؟ وهل نحن في حالة استقرار وسكينة ام في قلق واضطراب ؟ وهل ان حالنا سليم ام سقيم ؟
2ـ الضمير التوحيدي
والمراد به الضمير المدرك أن لهذا الكون خالقاً ، اسمه الله تعالى ، وهو خالق كل شيء ، وبيده الأمر والخلق ، وبيده زمام كل أمورنا وحياتنا ومماتنا .
3ـ الضمير الأخلاقي : وهو المؤشر الدال على القبح والجمال . يتولى الحكم على صحة او سقم سلوكنا . يؤنبنا على كل قبيح فيدفعنا ذلك الى
اعادة النظر في سلوكنا واتباع السلوك القويم والأخلاق الفاضلة بكل شغف وارتياح.
( محكمة الضمير )
حينما يواجه الإنسان الضمير لايمكنه التخلص من حسابه وتأنيبه . فلا محكمة أقوى من محكمة الضمير . مهما كان الإنسان قوياً ومقتدراً فلا بد له من الخضوع امام محكمة الضمير . اي أن الضمير قد شكل محكمة للنظر في تصرفات الناس فإن رأى منهم خطأ ادانهم ، الى درجة انه يجبرهم في بعض الحالات على الانتحار والإستسلام للموت جزاء لخطأ معين صدر منهم .
الضمير الأخلاقي كالقاضي الواعي المقتدر الذي يظهر حين ارتكاب الجرم فيقبض على الجاني ويقدمه للمحاكمة . صحيح أن بعض الناس قد يستطيع اخفاء جريمته عن المحكمة ، أو يتحدث بشكل يوهم المحاكم القضائية ببراءته ويموه عليها الحقائق ، لكن هذا غير ممكن في ازاء الضمير ، فلا يمكن للإنسان إهماله او التخلص من تبعات الذنوب والمعاصي .
لا تبرئ هذه المحكمة ساحة احد من الناس الا اولئك الذين لم يصدر منهم اي ذنب او انحراف ، وإلا فيتعرضون تلقائياً لتعنيف شديد من قبل الضمير ولا يكتفون بالندم على ما صدر منهم ، بل ينزلون بأنفسهم اقسى انواع العذاب .
( تأنيب الضمير )
يتعرض الأشخاص الذين يرتكبون جرائم كبرى تضر بالأخرين ، الى تأنيب شديد في الضمير . ومن المؤكد أن عذاب الضمير أشد ايلاماً من الاعدام ، ولهذا نرى بعض الناس يقدم على الانتحار تخلصاً من تأنيب الضمير ..
السلوك المنحرف الذي يؤدي الى حصول بعض المصائب يجعل الإنسان يعيش في حالة من الضيق والاختناق لايتذوق فيها أنفاس الراحة . ويعاني من الأهوال والمصائب ما تطبع حياته بالتخبط والتعاسة . فلا يجد لنفسه مخرجاً وتظل روحه تتعذب في خضم الصراعات والتناقضات الداخلية . تعتريه حالات من الغضب والإرتعاش في كثير من المواقف . فحينما يكون وحيداً يصرخ احياناً بصورة لا ارادية ، ويهمس مع نفسه باللوم والتقريع . وهذه كلها من معالم تأنيب الضمير . وقد يؤدي به هذا اللوم والتأنيب الى حالات قاتلة . ولهذا فقد ترك الاسلام باب التوبة مفتوحاً من أجل ان يستعيد المذنب وضعه الطبيعي ولا يفقد اتزانه نتيجة فقدانه الأمل بالنجاة . فالتوبة هي السبيل الوحيد لاعادة الإنسان الى الطريق القويم والاستقرار المطلوب.
( عـذاب الضمير )
اما الاشخاص الفاقدون لأي التزام ديني ، ولكنهم مالكون لفطرة سليمة فسيظلون يعانون من ضغوط نفسية شديدة ، قد تؤدي بهم الى الابتلاء ببعض الأمراض العصبية .وقد تأخذ تلك العقوبات احياناً طابع الاختلال العصبي ، او الاضطراب النفسي ، او حتى أن بعض الأشخاص يصابون بالجنون . فالأشخاص الذين يتصرفون خلافاً لما تمليه عليهم ضمائرهم ، ويقدمون على ارتكاب الجرائم . يعيشون في أيام عصيبة وكأن نيراناً تلتهب في اعماقهم فيحترقون بها لذا نراهم يفقدون القدرة والاستقرار ، ويطغي عليهم كره الحياة والاشمئزاز منها ـ حتى أن الكثير من النشاطات الايجابية والتوجهات الخيرة لايعود لها اي تأثير في ارضائهم وخلق البهجة في نفوسهم . ان عذاب الضمير على درجة من التأثير ، بحيث يدفع الأشخاص احياناً الى اليأس من انفسهم ، فأما أن يقفوا في مواجهة الجرم الذي ارتكبوه وأما ان يستقبلوا الموت بشجاعة ، ولا يستلموا لآراء هذا وذلك .
وهنا تجدر الاشارة الى هذه النقطة ؛ وهي ان الضغوط القوية التي تنشأ من جراء تأنيب الضمير قد تؤدي بالإنسان في بعض الحالات الى ان يصبح اكثر وحشية من الحيوانات الكاسرة ، وتتضاءل لديه القدرة على المقاومة ، فلا يمكن في مثل هذه الأحوال التخلص من شرورهم . وعلى كل حال فالإنسان ليس كالحيوان الذي يسر بتصرفاته اللامسؤولة . ولا يعتبر التقصير والقصور مدعاة لكماله .
( الضمير سد منيع )
يبدو الضمير في حياة الإنسان وكأنه سد يمنع من تحول حياتنا الى ايام سوداء ولا يدعنا نسقط في المسارات المنحرفة ، وينبهنا الى مسالك الجريمة . قد يبادر الإنسان الجائع الى القيام بأي عمل للحصول على رغيف الخبز ، الا أن الضمير يقف حائلاً امامه يمنعه من السرقة والجريمة لاشباع بطنه .
وقد يكون بعض الأطفال في سن لا يدركون معه مصاديق الجريمة والسرقة والغش ولا يفهمون معنى خرق الأصول الأخلاقية . فلا بد من تعريفهم بالمصاديق الدالة على ذلك . الا أننا إذا لاحظناهم مصرين على بعض الممارسات القبيحة ، فالواجب يحتم علينا الوقوف بوجههم ومنعهم من مواصلة اي تصرف غير لائق ، ومن المهام التي تتولاها التربية هي أولاً : توعيتهم الى خطأ بعض تصرفاتهم ، وثانياً : ان لاندعهم يرتكبون مثل هذه الأعمال ، من أجل استئصال الأعمال القبيحة من اعماق انفسهم .
( سبات الضمير وتلوثه )
يأتي الإنسان الى هذه الدنيا بضمير طاهر ، بانياً عمله على اساس الضوابط التي اودعها الله تعالى في نفسه . لكن هذا لايعني أن الضمير يبقى على نفس هذا الحال .
يتوقف الضمير احياناً في بعض مراحل الحياة ونضوج الشخصية ، وقد
يتعرض ايضاً للأصابة بانواع المخاطر والأمراض فيتلوث ولا يعود قادراً على تأدية واجبه بشكل اصولي ، وهو ما يطلق عليه اسم سبات الضمير فيوقع الإنسان في مهاوي الضلال والتعاسة ، ولابد في مثل هذه المواقف من تجديد الضمير او اعادة صياغته من جديد بهدف اعادة الإنسان الى صوابه .
واذا استمرت حالة سبات الضمير عند الإنسان ، فقد تؤدي به الى المسخ فينسى حتى مفهوم الحق ، بل ويتجاهل كل وجوده . او يكون حكمة على الأمور غير مصيب ، فيظهر على سلوك الإنسان نتيجة لذلك معالم الإضطراب وعدم الأستقامة .
ان واقع الحال يستوجب التصدي منذ البداية لأي انحراف في سلوكه او القضاء على حالة فساد الضمير التي تعني الإهمال وعدم الحساسية تجاه وقائع الحياة والسلوك الفردي .
( تحول الضمير وتكامله )
يت سم الضمير بالقابلية على التحول والتكامل . فباستطاعة الإنسان القيام بالأعمال الحميدة والالتزام بالسلوك المستقيم ومكارم الأخلاق ونبذ التصرفات الهوجاء والأخذ بزمام نفسه والسيطرة على اهوائه ورغباته ليصل الى حالة السكينة والاستقرار ، وبذلك يكون قد قطع شوطا طويلاً في طريق تكامل ضميره .
ومما ينبغي فعله تجاه الضمير هو اعانته في صراعه المرير الذي يخوضه قبال الظروف والمواقف المختلفة ، ومواصلة الأيحاء اليه بضرورة اصدار الأحكام العادلة ، وهذا ما يستدعي مجابهة الميول المعارضة للوجدان ،
وعدم الخروج عن جادة الصواب التي يرتضيها الشرع . وتعد نفس هذه الالتزامات من عوامل تكامل الضمير . الا أن هناك عوامل تضغط على الضمير من الخارج وتنجح في حرفه عن مساره احياناً .
ولابد هنا من الاشارة الى ظاهرة هامة وهي ان الكثير من الضمائر الميتة قد تستفيق على روي سؤال مؤثر واحد ، فتسلك في حياتها مساراً جديداً.
(الضمير في سنوات البلوغ )
يدخل الضميراثناء مرحلة المراهقة والبلوغ في حالة خاصة من الوعي . والباعث على ذلك هوان الإنسان نفسه يلج في مرحلة خاصة من حياته ونضوجه . فيمسي ادراكه اوسع مما كان عليه من قبل ويرى نفسه مسؤولاً عن اتخاذ مواقف خاصة ازاء الأحداث المختلفة .
وفي هذه المرحلة يستفيق ضميره الديني ويسعى لاستحصال المعلومات الكافية عن عقيدته ومذهبه . ولا يعكس الشك في المعلومات الدينية المكتسبة سوى سعيه المتواصل لاكتشاف الحقيقة والاستقرار على معتقد صحيح ، ومن الضروي أن يطوي هذه الفترة الحرجة من حياته تحت اشراف المربين ليكونوا على بينه من المصاعب التي يعانيها في هذا المجال ويسعوا لحلها .
والنقطة المهمة الجديرة بالذكر هنا هي ؛ أن الضمير يتخذ قبالة في هذه السنوات طبقاً لما يقدمه الأصدقاء والزملاء ، وتقوم الموازين الأخلاقية التي يتبعها بناء على مايلمسه ويراه من الأصدقاء ، وهذا من الأبواب التي يحتمل تسلل المخاطر منها .
( آفات الضمير )
ضمير الإنسان عرضة لكثير من الآفات والمخاطر ، وما الآفات في الحقيقة الامعاكسة وقلب النقاط البناءة للضمير . ويمكن القول بعبارة أخرى أن الطبيعة الإنسانية القابلة للتأثير ايجاباً وسلباً هي التي تؤدي بالضمير الى الانحراف والاصابة بالآفات ، فلا يعود يهتم كثيراً حتى لموت وقتل الآخرين ولا يهتز للمشاهد المؤلمة والقبيحة .
لابد من التذكير هنا بأن ممارسة الأخطاء وتكرارها والتعود عليها يصيب ضمير الأنسان بالخلل ويحرفه عن مساره الأصلي ، فيصاب بالصمم فلا يعود يسمع نداء الجميل والقبيح ، وحتى أن مثل هذه المفاهيم تستبدل مصاديقها في ذهنه ، فيتعرض وجوده ومصالحة حينذاك لمخاطر الانهيار والسقوط.وهكذا الحال بالنسبة الى قتل الفطرة والإكثار من الممارسات المناقضة لها التي تتسب في فساد الضمير ايضاً . فيمسي الشخص وكأنه في سبات لا قدرة له على التمييز بين الجميل والقبيح ولايعلم بفضائح ما يصدر منه .
( وجوب تربية الضمير)
يجمع علماء الدين والأخلاق وعلماء النفس على وجوب تهذيب الضمير وبذل الجهود الحثيثة لتربيته والا فمن المحتمل جداً أن يتعرض لخطر الجمود او حتى عدم الفعالية في بعض الحالات . ولذا نشير هنا الى أن الإنسان يولد و لديه الكثير من القدرات والاستعدادات في المجالات المختلفة .ولو أن بعض المجالات حظيت الاهتمام والرعاية الكافية لكفت في ايصاله الى طريق الكمال ما اكثر الناس الذين يولدون ويموتون من غير ان يستفيدوا من الدنيا أو يستثمروا مالديهم من طاقات وامكانيات في سبيل بلوغ ارقى مراحل الكمال . فالضمير بحاجة الى الكثير من التربية والرعاية والتعرف على الكثير من المصاديق المتنوعة الحسنة ومنها والسيئة ، ليكون اداة ناجحة في ضبط سلوكية الإنسان في مسير حياته اليومية . وهذا يتطلب نقل التعاليم الدينية والأخلاقية النبيلة الى الأطفال لتحتل موقعها المناسب في صياغة شخصيته وبلورة أفكاره .
( فوائد تربية الضمير)
ولكن قد يتساءل البعض عن جدوى تربية الضميرفنجيبهم بالقول ان من جملة فوائده أنه يهب الإنسان القدرة على الصمود ومواجهة العواصف والأحداث التي قد تكون احياناً على درجة القسوة بحيث يضطر الإنسان الى اليأس والإستسلام أمامها اما اذا كان ضمير الإنسان على درجة من الوعي والتربية فستكون له القدرة على مواجهة امثال هذه الانحرافات .
فالضمير هوالذي يأخذ بأيدينا عند اشتداد الأزمات وعندما تعصف رياح المعاصي والذنوب وتتعالى أمواج الجرائم في بحر الزمن الهادر ، ولا يتركنا ننهار او نسقط دينياً واخلاقياً .
حينما يقوى الضمير في وجود الإنسان يبعث فيه حالة الشوق ، يجد فيه ضالته من هدوء وسكينة واستقرار . ولا نستغرب لو فهمنا ان انواع الايثار
والتضحية والبذل والعطاء تنبثق كلها اساساً من التربية الصحيحة للضمائر الانسانية.
فكل التصرفات الحميدة والسجايا الفاضلة ومظاهر الإرتياح لخدمة الآخرين وغيرها من الاعمال النبيلة التي تصدر عن ارادة الإنسان واختياره ، منبثقة اساساً من الضمائر التي حصلت على التربية العالية ولها جذور ضاربة في اعماق وجودنا وهي التي تفتح امام الإنسان سبيل النضوج والكمال .
واخيرا
اهداء
كل انسان ظلم اى شخص ومش يعتزر على الجرح او الظلم ده يبقى انسان مش عنده ضمير واللى مش عنده ضمير يبقى مش يستحق كلمة انسان لان الانسان احساس وضمير وشخصية
ويا انسان اعرف انه كما تدين تدان يعنى الالم هيترض لك اضعاف مضاعفه اتقوا الله