وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تفضل أخي هذه مجموعة من الفتاوى لأهل العلم
سئل الشيخ/ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة:
السؤال: هل قراءة الفاتحة مع الإمام في الصلاة الجهرية واجبة على المأموم؟ علماً أن الإمام لا يترك فرصة للمأمومين بقراءتها، بل يبدأ بقراءة القرآن بعد قولهم: آمين مباشرة؟
الجواب: نعم، يقرأ المأموم الفاتحة وإن كان الإمام يقرأ؛ لأنه مأمور بذلك؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" متفق عليه عند البخاري (756)، ومسلم (394) من حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه - ولقوله –صلى الله عليه وسلم-: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم" قلنا: نعم، قال: "لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها" رواه أبو داود (823) وغيره من حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه -.
فعلى المأموم أن يقرأها في سكتات الإمام إن سكت، وإلا وجب عليه أن يقرأها ولو في حال قراءة الإمام عملاً بالأحاديث المذكورة وهي مخصصة لقوله -عز وجل-: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" [الأعراف:204]، وقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "فإذا قرأ الإمام فأنصتوا" رواه ابن ماجة (847) من حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – وأصله في مسلم (404).
وقال بعض أهل العلم: إنها تسقط عنه، واحتجوا بما روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من كان له إمام فقراءته له قراءة" رواه ابن ماجة (850)، وأحمد (14116) والصواب: الأول؛ لضعف الحديث المذكور ولو صح لكان محمولاً على غير الفاتحة جمعاً بين النصوص -كما تقدم-، لكن لو نسيها المأموم، أو لم يقرأها جهلاً بالحكم الشرعي، أو تقليداً لمن قال بعدم وجوبها على المأموم صحت صلاته، وهكذا من أدرك الإمام راكعاً ركع معه وأجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة؛ لما ثبت في صحيح البخاري (783) –رحمه الله- عن أبي بكرة الثقفي - رضي الله عنه - أنه أدرك النبي –صلى الله عليه وسلم- راكعاً فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: "زادك الله حرصاً ولا تعد".
ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على سقوط الفاتحة عنه لعدم إدراكه القيام، والناسي والجاهل في حكمه فتسقط عنه الفاتحة بجامع العذر، والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، تأليف الشيخ/ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- ج11 صـ217].
خزانة الفتاوي
اختلف العلماء في قراءة الفاتحة على أقوال متعددة:
القول الأول: أن الفاتحة لا تجب لا على الإمام، ولا المأموم، ولا المنفرد، لا في الصلاة السرية، ولا الجهرية، وأن الواجب قراءة ما تيسر من القرآن، ويستدلون بقول الله تعالى في سورة المزمل: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: "اقرأ ما تيسر معك من القرآن".
القول الثاني: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد، في الصلاة السرية والجهرية، وعلى المسبوق وعلى الداخل في جماعة من أول الصلاة.
القول الثالث: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة على المأموم مطلقاً لا في السرية، ولا في الجهرية.
القول الرابع: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، وركن في حق المأموم في الصلاة السرية دون الجهرية.
والراجح عندي: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً فإن قراءة الفاتحة تسقط عنه في هذه الحال، ويدل لذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صـلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" -بمعنى فاسدة- وهذا عام، ويدل لذلك أيضاً حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح فقال لأصحابه: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟" قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، وهذا نص في الصلاة الجهرية.
وأما سقوطها عن المسبوق فدليله: حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم راكعاً، فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، ثم دخل في الصف، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته سأل عمن فعل ذلك، فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصاً، ولا تعد"، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الركعة التي أسرع من أجل ألا تفوته، ولو كان ذلك واجباً عليه لأمره به النبي صلى الله عليه وسلم، كما أمر الذي يصلي بلا طمأنينة أن يعيد صلاته، هذا من جهة الدليل الأثري.
أما من جهة الدليل النظري فنقول:
إن هذا الرجل المسبوق لم يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة، فلما لم يدرك المحل سقط ما يجب فيه، بدليل أن الأقطع الذي تقطع يده لا يجب عليه أن يغسل العضد بدل الذراع، بل يسقط عنه الفرض لفوات محله، كذلك تسقط قراءة الفاتحة على من أدرك الإمام راكعاً؛ لأنه لم يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة، وإنما سقط عنه القيام هنا من أجل متابعة الإمام.
فهذا القول عندي هو الصحيح، ولولا حديث عبادة بن الصامت الذي أشرت إليه قبل قليل -وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح- لولا هذا لكان القول بأن قراءة الفاتحة لا تجب على المأموم في الصلاة الجهرية هو القول الراجح؛ لأن المستمع كالقارئ في حصول الأجر، ولهذا قال الله تعالى لموسى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا}، مع أن الداعي موسى وحده، قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}، فهل ذكر الله لنا أن هارون دعا؟ فالجواب لا، ومع ذلك قال: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا}، قال العلماء في توجيه التثنية بعد الإفراد: إن موسى كان يدعو وهارون كان يؤمن.
وأما حديث أبي هريرة الذي فيه: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" فلا يصح؛ لأنه مرسل كما قاله ابن كثير في مقدمة تفسيره، ثم إن هذا الحديث على إطلاقه لا يقول به من استدل به، فإن الذين استدلوا به بعضهم يقول: إن المأموم تجب عليه القراءة في الصلاة السرية فلا يأخذون به على الإطلاق.
فإن قيل: إذا كان الإمام لا يسكت فمتى يقرأ المأموم الفاتحة؟
فنقول: يقرأ الفاتحة والإمام يقرأ؛ لأن الصحابة كانوا يقرءون مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ، فقال: "لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ